img
عارف المليكي - الخميس, 06 يوليو, 2023


 من كوارث التأريخ أن يسمح ذوو الألباب وأهل العقول في يمن الإيمان والحكمة، لفكرة كهنوتية تتسلل من خارج التأريخ ، زاحفة بخرافة "الحق الإلهي" ، يحملها متخلفو عصرهم المشحونين بأوهام فكرة (سيد الأرض) السائدة قبل الاسلام في بلاد فارس؛ لينصبوا أنفسهم وكلاء الصحابي الفاضل (علي) رضي الله عنه .

محاولات بائسة بعد 15 قرنا ، لإعادة منتجة صورة (إمام مقدّس) بخصائص فوق مستوى النبوة ودون الإله،  فوق البشرية والملائكية ، للصحابي (علي) رضي الله عنه ،  بغير شخصيته التي عُرفَ بها في حقبة تأريخية امتازت لحظاتها بنسائم الوحي ، بجندي الفداء للإسلام، المحارب لفكرة تأليه البشر، وبطل المواجهة المشارك في تجفيف جذور فارس والروم ، ونظريات التقديس لغير الله.

 تهدف هذه المحاولات العقيمة المستلهمة فكرة (سيد الأرض) الفارسية ،ونظرية التشيّع السياسية (الولي الفقيه)، وفكرة (الولاية العظمى) إلى تصوير واقع الصحابة بعد وفاة رسول _صلى الله عليه وسلم_ بالواقع الجدلي،  واثبات فشل منهجية التربية النبوية الربانية لجيل الصحابة، وصولاً الى اقناع الأمة بردة الصحابة وانحرافهم باستخلاف غير (علي) رضي الله عنه.

فكرة احياء يوم "الغدير" او يوم "الولاية" يهدف الى استنساخ صور متعددة "للإمام المقدس" كوكلاء الحق الالهي في كل عصر ومصر،  وينوبون الامام (علي) بصورته "الاسطورية" التي اعادوا انتاجها بنمطية الإله، كـ "الخميني" و "علي خامنئي" بإيران،  ونصر الله في لبنان،  وعبدالملك الحوثي في اليمن، والصدر في العراق وغيرهم،  ليُعلن لهم الولاء ، ويُدان لهم بالطاعة العمياء، ويُمنح لهم القداسة والأحقية في استبداد الشعوب واستعبادهم.

وبصناعة هذه الهالات القداسية وصنمية هؤلاء الرموز تبرز (الثيوقراطية) والكهنوتية ، فتُنهب الثروات وتُسرق الأموال،  وتُقام الحروب الطاحنة والانقلابات وتسقط الأنظمة،  وتُفتت الأوطان وتُمزق الأمة، ويُمزق نسيج الشعوب، وتثار الخلافات والنعرات العصبية والسلالية والمذهبية والطائفية، وتـُهيج مشاعر الكراهية والحقد لأصحاب رسول الله وزوجاته امهات المؤمنين.

وبها تُستهدف أفكار وثقافات الشعوب،  وتُغيّر المناهج ويـُطعن في القرآن والسنة ونصوص الوحي، ويُشكك في ميراث الأمة وإجماعها، وتُستباح الدماء، ويُصادر الحقوق والحريات،  وتُعرض الأمة للطامعين والمحتليّن والغزاة من غير المسلمين، وتتحول الدول إلى بلدان فقيرة وعاجزة تبقى في ذيل القافلة الانسانية تتسول الآخرين..

كل ذلك بغية تحول الأمة الي بيئة رخوة تتشرب الخلافات والشائعات ، وتعيش الريبة والفتنة في الدين والاخلاق والسياسة والحكم والفكر والاقتصاد، ويضعف المشروع العربي والإسلامي وتضيع حضارة الإسلام،  وهذا ما تطمع إلى تحقيقه إيران الفاشية وولاية الفقيه، عبر أذنابها في المنطقة العربية ومنها اليمن.